من أولى بالقدوة ؟
يا فـتــاة : لكل أمة تاريخ تفخر به، ولكل امرئ مجد ينافح عنه ويتطلع إليه، وتتحكم ثقافة المرء وخلفيته الفكرية في اختيار المحتوى التاريخي الذي يفتخر به وينتمي إليه. فهناك من غاية التراث لديه موروثات قديمة، ومقتنيات الآباء والأجداد من الأدوات و الأواني و الأثاث. وهناك من يشعر أن المنهج، والفكر، والمبدأ أثمن من هذا كله، فيعتبر أن هذا هو تراثه الحقيقي.
يـا فـتــاة : حين نطبق هذه القاعدة على الفتيات فسنجد الصورة نفسها، فمنهن من لا تذكر من التاريخ إلا روايات جدتها وحكاياتها قبل النوم، وهناك من ترى التراث في إناء وموروثات قديمة، ومنهن من تمتد في التاريخ امتداداً أفقيًّا مع الجيل الحاضر والأمم المعاصرة؛ فترى قدوتها في عارضة أزياء كافرة، أو ممثلة فاجرة، أو مغنية ساقطة. ومنهن من تمتد امتداداً رأسيًّا لترى قدوتها في أم عمارة نسيبة بنت كعب، أو ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر، أو في اللواتي أثنى عليهن الله ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) وقال تعالى :((قانتات تائبات عابدات سائحات)). ويتجاوز هذا المدى ليدرج ضمن هذه القائمة امرأة فرعون :((إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)).
يـا فـتـاة : أدعوك مرة أخرى لتحكمي وبمنطق العقل والموضوعية ؛ من أولى بالقدوة ؟ ومن الأحق بالأسوة ؟.
يـا فـتـاة : لو وضع لك الخيار أن تكوني كإحدى الطائفتين فأين أراك تختارين؟ حزب عائشة وزينب وأسماء وآسية. أم حزب عارضات الأزياء والممثلات؟
يـا فـتـاة : حين يهديك عقلك الراشد إلى اختيار أحد الحزبين، وخير الطائفتين، فسوف تسعين حتماً للاقتداء بمن تختارين، والسير في ركابه، وإن لم تصلي النهاية التي وصلن إليها، إلا أنك في الطريق.
واليك النهاية التي تصل إليها هذه الساقطات:
إحدى الممثلات الساقطات. الممثلة الراحلة كما يقال مارلين منرو نالت المال الذي تستطيع أن تحصل به على كل شيء، والشهرة التي جعلت اسمها وصورتها تملأ صحف العالم، والجمال الذي يشد أنظار الرجال إليها ويجذبهم نحوها، لقد وجد المحقق الذي درس قضية انتحار هذه الممثلة الشهيرة رسالة محفوظة في صندوق الأمانات في بنك منهاتن في نيويورك، فتح المحقق الرسالة وجدها مكتوبة بخط مارلين منرو نفسها وهي موجهة إلى فتاة تطلب نصيحة مارلين عن الطريق إلى التمثيل فتقول في رسالتها إليها : احذري المجد ، احذري كل من يخدعك بالأضواء ، إنني أتعس امرأة على هذه الأرض لم أستطع أن أكون أمًّا. إني امرأة افضل البيت ، أفضل الحياة العائلية على كل شيء، إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة بل إن هذه الحياة لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية .انتهى كلامها.
وصرح بعض النقاد بأن الجاني هو كل فرد في المجتمع الغربي. قال أحدهم في إيطاليا إنها لم تنتحر نحن الذين قتلناها نحن الذين نشاهد الأفلام ونقرأ المجلات، بل اعتبرها أديب آخر إنسانة لم تطق استمرار العيش في قاذورات تلك الحضارة، ولم تجد مفرا من موتها اليومي إلا بالموت النهائي. نعم لقد وجدت هذه الممثلة في الانتحار خلاصا من شقائها وتحررا من واقعها ونجاة من مستغليها والمثرين على حساب أنوثتها. قارني بين هذه الصورة وبين صورة تلك المرأة التي تقول :
( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ).