قبل خمسين عاما” دخلت الكهرباء دير أبي سعيد وأضيئت شوارعها وعبدت بإمكانيات ذلك الزمن المتواضعة , قبل خمسين عاما” كان في دير أبي سعيد الدوائر الحكومية والأبنية الحجرية والتي كانت درتها دار الباشا وبناية المحكمة الحمراء والمدرسة الثانوية, قبل خمسين عاما” كان في دير أبي سعيد ببور حمزة (ببور أبو نوح) وكور تركي الحداد بجانب الجامع القديم, قبل خمسين عاما” كان في دير أبي سعيد البقالات والملاحم والمقاهي والمطاعم وسوق الحلال, قبل خمسين عاما” كان في دير أبي سعيد محلا” لتصليح الأحذية وصناعتها ومحلا” لتصليح الراديو والساعات وكنا نجلس عند عبدالعزيز الساعاتي نستمع لأسطوانة فايزة أحمد” خليكو شاهدين” . قبل خمسين عاما” كان مسلخ اللحوم قد انتصب للتو ليعلن مولد مدينتنا الحبيبة وبالقرب منه انتصب قوس النصر الكبير أيضا” ليرحب بالزائرين.قبل خمسين عاما” كان التعليم موجودا” وحتى مدارس البنات كانت موجودة قبل ذلك التاريخ , وليس أدل على ذلك من أن والدتي وعماتي وخالاتي والكثيرات من نساء دير أبي سعيد ممن تجاوزن الثمانين , هن متعلمات : يقرأن ويكتبن ويحسبن ويحفظن حتى جداول الضرب. قبل خمسين عاما” كانت المياه العذبة تتدفق من منطقة العين لتروي بساتين الحارة وسمي الشارع المار بجوارها شارع الحدائق تبعا” لذلك. دير أبي سعيد القديمة يا نوارة الخمسين , يا ملعب طفولتي , يا معجن ذاكرتي , يا أبجديات حبي القديم , أحببتك وسوف أحبك على الدوام...وليد المدني